قانون و محاكم

”حتى لا تقع فى الفخ”.. الاحتياطات القانونية للمتعاملين بـ”الشيك” والمشرع حدد شروطا لتوقيعه بدون رصيد لانتفاء جريمة النصب.

الشيك
الشيك

لشيك فى حقيقة الأمر، يقوم بدور بالغ الأهمية بين التجار والمستثمرين بوصفه أداة وفاء كالنقود، وهو من هذه الناحية العملية يغاير الأوراق التجارية الأخرى كالكمبيالات والسندات الأذنية، إذ أن هذه الأوراق أدوات ائتمان لا تستحق السداد إلا بعد مضى فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر، أما الشيك فأداة وفاء تسوى بها الديون ويقوم بوظيفة النقود فى التعامل بين الأشخاص إذ أنه واجب الدفع بمجرد تقديمه إلى المسحوب عليه.

ولذلك حرصت جميع التشريعات الحديثة على عقاب من يعطي شيكاً بدون رصيد حماية للتعامل بالشيك ومحافظة على حقوق الأشخـاص وأموالهم، بينما لا تزال مشكلة إصدار الشيكات بدون رصيد تؤرق المجتمع وخاصة مجتمع المستثمرين لما لها من أخطار ووقع اقتصادى واجتماعى على الطرفين - مصدر الشيك الساحب والمستفيد.

الفخ القانونى لإصدار الشيك

في التقرير التالى، يلقى " الرأي العام " الضوء على إشكالية تهم آلاف إن لم يكن ملايين المستثمرين والتجار وخاصة الصغار منهم ألا وهي عملية إصدار "الشيك" والتوقيع عليه من الناحية القانونية سواء إذا كان تم تحريره من قبل الوفاء بالدين أو بقصد الضمان، في الوقت الذي يعتبر فيه بمثابة صك "محرر" مكتوب وفق أوضاع شكلية استقر عليها العُرف التجاري - بحسب الخبيرة القانونية والمحامية أنجى قبودان .

فى البداية – علينا أن نعلم أن الشيك مكون من ثلاثة أطراف، وفيها أمر صادر من صاحب الشيك وهو الساحب إلى طرف آخر مسحوب عليه وهو – في هذه الحالة – البنك، وذلك بأن يدفع البنك مبلغاً من المال للطرف الثالث وهو المستفيد، ويسمى أيضاً حامله أو "لأمره"، وذلك عند الاطلاع، أى بمجرد تقديم الشيك.

احتياطات لأزمة فى عملية إصدار الشيك

فأى فرد سواء كان طبيعيا أو اعتباريا عندما يحرر شيكا لشخص آخر يجب أن يحتاط لكل الاحتمالات التي تجري على حسابه بالزيادة أو النقصان بحيث يكون أولاً تاريخ استحقاق الشيك مغطى من الناحية المالية لكفاية الرصيد، وثانياً لا يوقع الضرر المالي للمستفيد حال ذهابه للبنك لصرفه، وكذلك فإن المستفيد في المقابل يجب أن يتأكد ويتيقن من المقدرة المالية لمحرر الشيك ليطمئن بأن المبلغ سوف يتم تحصيله في التاريخ المحدد وقضايا الشيكات عديدة وكثيرة ومتشعبة – وفقا لـ"قبودان".

وفى الفترة الأخيرة زادات قضايا إصدار الشيك بدون رصيد واكتظت المحاكم بمثل تلك القضايا، فقد استهان أشخاص كثيرون بعمليات إصدار الشيكات بدون رصيد غير مبالين للعواقب الوخيمة لها، فكان من نتاج ذلك أن البعض كان مصيره السجن والبعض الأخر خسر أموالا لا تعويض لها نتيجة استخدام الشيك كأداة ائتمان مرة وكأداة وفاء مرة أخرى.

كيف يتحول الشيك إلى كمبيالة فى الأسواق؟

والأصل في الشيك في حقيقة الأمر أنه أداة وفاء تجري مجرى النقود إلا أن هناك استثناء على هذا الأصل في حالات يستبان منها انتقاء سوء النية كعنصر من عناصر جريمة اصدار شيك بدون مقابل، فعندما يتم تحريره لا لكي يقدمه المستفيد للصرف فورا كما تقتضي طبيعة الشيك الذي يستحق فور سحبه، بل لكي يحتفظ به ضمانا لسداد ما هو مستحق له في ذمة الساحب، حيث يقدمه المستفيد للصرف حال عجز الساحب عن الوفاء بالتزاماته قبله، ففي هذه الحالة يفقد الشيك أهم مقوماته وهو استحقاقه فور سحبه وينقلب إلى كمبيالة عادية وتنحسر عنه الحماية الجنائية، مع بقاء الحماية المدنية أو التجارية له – الكلام لـ "قبودان".

والملاحظ من الناحية القانونية والعملية أنه طالما كان المستفيد على علم عند كتابة الشيك بأن محرره لا رصيد له وهو موافق على الاحتفاظ بالشيك لضمان استخلاص الدين يكون الاحتيال وسوء النية منتفين لدى الساحب وبالتالى انتفاء جريمة إصدار شيك بدون رصيد .

كيف تحول الشيك من أداة وفاء إلى أداة ائتمان؟

وقد تواتر العمل في مختلف النواحى على تغيير طبيعة الشيك من كونه أداة وفاء ليصبح أداة ائتمان، وهو الأمر الذى أدى إلى الانفصال بين النموذج التجريمى لجريمة الشيك في وضعها القديم وبين الواقع الاجتماعي الفعلى، فتنتفى جريمة النصب في حقيقة الأمر إذا كان المسحوب لصالحـه الشيـك "المستفيد" يعلم علم اليقين أن الساحب لا رصيد له للوفاء بقيمة الشيك، وطلبه هو منه التوقيع على شيك، ومن ثم لا يجوز القول بأن المستفيد في هذه الحالة وقع ضحية لجريمة نصب، ولا تكتمل جريمة النصب في هذه الحالة إلا عندما يظهر المستفيد الشيك.

أسباب تجريم الشيك

الشيك لا يتاح أن يوفى بوظائفه إلا إذا كان محل ثقة المتعاملين به، ولذلك فإن المشرع قد استهدف من تجريم أفعال المساس بالثقة الموضوعة في الشيك كأداة للوفاء إلى حماية الائتمان العام الذي يقضي بأن يؤدي الشيك وظيفته بانتظام بعد أن أصبح يقوم بوظيفة النقود، هذا بالإضافة إلى المصلحة الخاصة للمستفيد ولأفراد المجتمع الذين قد يتداول الشيك بين أيديهم عن طريق التظهير.

المشكلة الحقيقة والأساسية للشيك

المشكلة الأساسية للشيك هي سقوط وتقادم الشيكات بعد 6 شهور من تاريخ تقديمها للوفاء أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه، وهناك الكثير من التساؤلات حول تأثير ذلك على حركة التجارة والسلع المعمرة وقروض البنوك والتعاملات التجارية، كما أن الشيكات تحولت في بعض الأحيان إلى طريقة للضغط على المواطنين استغلالاً لحاجتهم.

هل يمكن استغلال هذه المهلة البسيطة للتهرب من الدفع والعكس؟

المهلة المقررة في قانون التجارة تفقد الشيك قيمته كسند للمديونية خاصة أنها لا تتعدى الـ6 شهور، وأن قصر هذه الفترة سيقطع الطريق على البنوك لرفع دعاوى قضائية ضد العملاء بدون وجه حق، وهذا يغلق بابا كبيرا من الفساد في غالبية البنوك التي تجبر عملاءها على التوقيع على شيكات "على بياض" كضمان، بالإضافة إلى الضمانات العينية الأخرى، وتلاحظ ان مسألة التعامل بالشيكات وتقادمها وسيلة للنصب على العديد من التجار ورجال الأعمال دون ضامن لحقوقهم.

3 محاذير للمتعاملين بالشيك

1-يجب أن يعلم المتعاملون بالشيكات أن حكم التقادم في قضايا الشيكات يختلف فى القانون الجنائي عن المدني، حيث أن قانون التجارة أعطى لحامل الشيك فرصة التقدم للبنك خلال 6 أشهر للحصول على إفادة برصيد المدين أمام المحاكم المدنية، أما المحاكم الجنائية فإن حكم التقادم يسرى على الشيكات بعد 3 سنوات.

2-أن قانون التجارة الجديد اشترط على صاحب الشيك التقدم للبنك للحصول على ما يفيد وجود رصيد من عدمه لقبول الدعوى الجنائية من الناحية الشكلية والفصل في أحقيته، وبالتالي فإن عدم الحصول على هذه الإفادة يجعل الشيك في حكم المتقادم، لأنه من الصعب الحصول على هذه الإفادة بعد انقضاء هذه المدة.

3-أن صاحب الشيك هو المسئول الأول في حالة الحكم بتقادم الشيك، لأن الجهل بالقانون العام يسأل عنه صاحبه لأنه تراخى في تحصيل قيمة الشيك أو حتى الحصول على الإفادة.