سامر شقير: السعودية تغادر ”التنظير البيئي” وتفرض ”هيمنة خضراء” بـ 12 مليار دولار.. والمملكة باتت ”البنك المركزي” للاستدامة
في قراءة تحليلية لأحدث أرقام الاستثمار في المملكة، أكد رائد الاستثمار وعضو مجلس التنفيذيين اللبنانيين في الرياض، الأستاذ سامر شقير، أن المملكة العربية السعودية حسمت الجدل العالمي حول "فاتورة المناخ" بلغة الأرقام الصارمة، متجاوزة مرحلة الوعود الدبلوماسية إلى مرحلة "الهيمنة المالية" على قطاع الاقتصاد الأخضر.
وجاء حديث شقير تعليقاً على البيانات التي كشفت عن إصدار المملكة استثمارات خضراء بقيمة 12 مليار دولار هذا العام، مستحوذة بمفردها على ثلثي سوق التمويل الأخضر في الشرق الأوسط.
من "منصة وعود" إلى "صانع سوق"
وفي تصريح صحفي، قال سامر شقير: "في الوقت الذي لا يزال العالم يغرق في نقاشات نظرية حول تقاسم أعباء المناخ، اختارت الرياض الطريق الأكثر براغماتية وتأثيراً. إن استحواذ دولة واحدة على حصة تتجاوز 65% من سوق إقليمي كامل يعني شيئاً واحداً: الرياض لم تعد مجرد مشارك، بل أصبحت المرجع والمعيار، وباتت بمثابة 'البنك المركزي' غير الرسمي للتحول الأخضر في المنطقة".
وأضاف شقير موضحاً دلالات الأرقام: "نحن لا نتحدث عن إنفاق حكومي تقليدي، بل نشهد حالة من 'النضج المؤسسي' غير المسبوق. عندما نرى وزارة المالية تضع أطر التمويل، وصندوق الاستثمارات العامة يطرح 'سندات القرن' لأجل 100 عام جاذباً 18 مليار دولار من الطلبات، وتؤسس المملكة أكبر منصة لتداول الكربون؛ فهذا يؤكد أننا أمام 'صانع سوق' محترف يفرض قواعد لعبة جديدة للاستدامة".
القطاع الخاص ومصالح الأرباح

ولفت شقير الانتباه إلى ما وصفه بـ "المعادلة الذهبية" في الرؤية السعودية، والمتمثلة في دور القطاع الخاص الذي مول 76% من هذه الاستثمارات، قائلاً: "هذا الرقم هو الدليل الدامغ على عبقرية رؤية 2030 التي نجحت في تحويل الملف البيئي من 'عبء تنظيمي' ثقيل إلى 'فرصة ربحية' مغرية. ضخ صندوق التنمية الوطني لـ 52 مليار ريال، وتمويل مشاريع الهيدروجين والطاقة، رسالة تطمين حاسمة للمستثمرين بأن الدولة تضع ثقلها المالي والسياسي خلف هذا التحول".
التناغم الرقمي والبيئي
وختم سامر شقير تصريحاته بالربط بين الاستثمار البيئي والتقني، مشيراً إلى أن الـ 30 مليار دولار المستثمرة في الذكاء الاصطناعي ليست منفصلة عن هذا السياق: المشاريع العملاقة مثل 'نيوم' و'البحر الأحمر' لا تُبنى بالخرسانة فقط، بل بخوارزميات الكفاءة. السعودية اليوم تقول للعالم بلسان الـ 12 مليار دولار: نحن لا نشتري الحلول، بل نصنعها ونبتكر أدوات تمويلها. لقد أنهت الرياض جدلية التعارض بين الطاقة والبيئة، لتقود المنطقة نحو اقتصاد أخضر بلغة الأرقام التي لا تكذب".


































