التضاد بين اللونين الأبيض والأسود جعله يبُدع فى منحوتاته الفنية، والرمزية كانت فكرته التى أراد ان يعبر عنها، فالنقاء والمشقه اجتمعوا فى معرضه (أبيض وأسود)، ذلك الحدث الفنى الذى نال استحسان رواده، وزين قاعة ايزيس بمركز محمود مختار الثقافى، الذى افتتحه الدكتور وليد قانوش، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، استمرت فعالياته حتى أمس الأحد 5 مايو 2024، أنه الفنان والمثال وائل الشافعى، اقتحمت "البوابة نيوز" عالمه الفنى، وكان لها معه هذا الحوار:

■ حدثنا عن فكرة معرضك "أبيض وأسود".. وسبب اختيار الاسم؟

- فكرة المعرض واختيار اللون الابيض والاسود هى للرمزية اكتر من كونه لون، فهما اللونان اللذان لا نعتبرهما فى الفن ألوان، لأنها ألوان حيادية.

الرمزية فيهما والتضاد بين اللونين سواء فى الخير والشر سواء فى النقاء، والشقاء، فجميعنا يمر فى مرحلة الطفولة بالنقاء فيرمز باللون الابيض، وعندما نتقدم فى العمر ويبدأ الشقاء نتصبغ بأعباء الحياه، فيعبر عن ذلك اللون الأسود.

وليس القصد أن الحياه جميعها باللون الاسود، ولكن الحياة مليئة بالجماليات التى يعبر عنها اللون الابيض، الذى نتصبغ به عندما نقضى أوقاتا جميلة.

المرأة هى الفلك الذى يدور حوله محور حياتنا

■ لاحظت منحوتات كثيرة فى المعرض تمثل المرأة.. ماذا تعنى لك؟

- المرأة أنا فى اعتقادى الشخصى كفنان المرأة هى صلب وعصب الحياة يعنى هى الفلك الذى يدور عليه محور حياتنا سواء كانت بنت صديقة أخت هى الركيزة الاساسية فى بناء المجتمع، وبشكل عام وهى الركيزة الاساسية فى حياة الجميع.

ومن الناحية التشكيلية عموما هى التى تمتلك الامكانيات التشكيلية الفنيه التى تستطيع من خلالها أن تبرز فكرة معينة أو حالة حتى لو أنكرها البعض فى المجتمع أو الفن عموما.

فهناك قطع فنية فى المعرض تناولت العلاقات الإنسانية، أو جزء من العلاقات الإنسانية فى حياتنا، سواء كان علاقة إنسان بآخر، أو كان حبيب وحبيبة، أو أب مع ابنه هناك قطعة تتناول علاقة الاب بابنه، فصورت فيها الابن وهو يجلس على حجر ابيه، والاب فى حالة استكانة وهو يحتضن ابنه ويحافظ عليه، وصورت الابن باللون الابيض لان قلبه مازال ابيض ولم تؤثر به الحياة.

وهناك قطع صورت فيها الام وابنتها، وهناك الاب وابنته حيث صورت القلب الاحمر الذى اخذته الابنه من ابيها حتى تستطيع ان تكمل الحياه.

وهناك أعمال تتحدث عن حالة العشق وعن حالة الحبيب، فالعمل معمول بتجريديه العنصر الذكرى بالتكعيبية سطحته تماما، وذلك لان المراة استطاعت ان تحتويه وتسيطر على مشاعره سيطرة حميدة، فيه فكر راس التمثال بالاسود وهى محتضناه بشكل كبير فى عشق واندماج سواء فكرى أو جسدى أو روحانى .

لأن أى كان الرجل قوى وكل شىء لكن فى النهاية يحتاج الى المرأة لكى تحتويه وتسيطر على مشاعره.

■ كيف تلقيت ردود الفعل على معرضك "أبيض وأسود"؟

الحضور كان كبيرا وكان هناك كثافة غير متوقعة وأحداث كثيرة ليست على وتيرة واحدة، شرفنى بالحضور الدكتور سيد عبده سليم النحات الكبير، والدكتور محمد اسحاق عميد، والناقد الفنى الدكتور رضا عبد السلام واستاذ فى جامعة الاسكندرية مجموعة كبيرة من الفنانين، والاصدقاء منهم الفنان حسام السيد، والفنانة سمر سعد ، الفنان احمد جمال .

كان هناك ردود أفعال إيجابية، استطاعت بتوفيق من الله ان اقدم بعض الافكار، وحاولت صياغة بعض الحالات، بأسلوب يتفق مع عملى، وكانت الآراء جميعها تتحدث فى سياق القضايا التى نعيشها على مستوى علاقتنا ببعض بشكل عام، المعرض لاقى استحسان الجميع، وكان هناك الزخم غير متوقع، أو الحمد لله كان هناك صدى حقيقى ووصلت رسالتى من خلال فكرة المعرض.

التسويق الفنى أزمة عالمية.. وأتمنى أن تتبناه وزارة الثقافة

■ من وجهة نظرك.. كيف ترى الفن التشكيلى فى مصر؟

- مصر تعتبر رائدة فى الفن التشكيلى، وتمتلك من القدرات والمواهب والفنانين وصالات العرض التابعة لقطاع الفنون أو القاعات الخاصة، ولدينا من الامكانيات ما ينافس اوروبا فى الفن التشكيلى.

ولدينا قامات فنية كبيرة فى جميع مجالات الفن التشكيلى، ليس لدينا العائق فنحن اصحاب حضارة مصرية قديمة علمت البشرية كلها وعلمت الكرة الارضية جميعها، تركوا لنا إرثا كبيرًا من جدارايات سجلوا فيها كل شىء تحكى عظمة الدول المصرية فى أزمنة مضت، واعتقد اننا نسير على نفس الخطى، فأنا لا اعتبر الفن التشكيلى رفاهية فى أى دولة، فهو روح الأمة.

فالتسويق الفنى يعتبر أزمة عالمية وليست فى مصر فقط، ولكن وزارة الثقافه ليس من منهجها التسويق منهجها انها تبرز الفنان وفنه واسلوبه واعماله من خلال دور العرض الموجودة الذى يمتلكها قطاع الفنون.

وأتمنى أن تتبنى وزارة الثقافة منهج التسويق مقابل نسبة، لتصبح مقننة، وهذا يجعل الفنانين يتهافتون على عرض اعمالهم فى قاعات الدولة وتصبح فى الصدارة.

الحقيقة أن الفنان التشكيلى، يمر بصعوبات، وخاصة بعد ارتفاع اسعار خامات الرسم، ولكن ايضا خامات النحت تعد أعلى سعرا لان النحت يمر بمراحل مكلفة بشكل كبير، كونى قدرت انتج شغلى بخامات النحت غالية الثمن دا شىء كويس.

■ هل ترى أنه يوجد نقد فنى بناء فى المجال التشكيلى؟

- طبعا يوجد نقد فنى محترم وبناء، ولدينا نقاد فنيين كبار متمكنين جدا، ولديهم خبرة كبيرة، مثل الاستاذ محمد كمال، والدكتور رضا عبد السلام، وايمن ابوزيد، كلا منهم له اسلوبه وطريقته التى ينتقد بها العمل الفنى من اجل التحسين والافضل، وليس نقد هدام، فالنقد الفنى لا يقل عن قوة الانتاج الفنى.

■ يتأثر الفنان بشكل مختلف بالاحداث.. ماذا عن المشاهد الدامية فى حرب غزة؟

- القضيه الفلسطينية قضيتنا كلنا وهى قضية انسانية من الدرجة الاولى، وهذا الشعب تكبد بشكل كبير، وهذا ملموس، انا كفنان وانسان ضد اى عنف او قتل فى أى جزء من بقاع الارض، فأى انسان فى العالم من حقه ان يعيش فى امان وسلام، وعلى الجانب الآخر هناك عنف فى اوكرانيا فهم ايضا بشر ويمارس ضدهم العنف والقتل، ولكن ما يحدث فى غزه ابشع ومشاهد تدمى القلوب.

الفن التشكيلى، منذ قديم الازل وكان الفنانون يسجلون الحروب وقت الحدث، ويرسمون الملك وهو ينتصر فى لوحات وجداريات سجلت هذا، سواء قبل المعارك او بعدها، ولكن بعد ظهور الكاميرا والتصوير الفوتوغرافى، اصبحت الصورة هى الاسرع والمعبرة بشكل اكبر، ولكن الفنان يراقب الاحداث ويكون مخزونا له، ولكن فى حالة غزه ، لابد ان يكون الفن بشكل رمزى اكثر.

وأتمنى فى القريب العاجل انى استطيع ان يكون لدى عمل يناسب الحدث، "غزه"، واقدر اعمل منحوتة فنية تعبر عن معاناة الشعب الذى اغتصبت، وهو شعب أعزل.

وبالنسبة لدور الدولة المصرية، التى هى المنوط بها القضية الفلسطينية بشكل رئيسى، والمجهود المبذول اتجاه القضية شىء كبير.

الأعمال الفنيه بالذكاء الاصطناعى أشبه بقطع البلاستيك

■ الذكاء الاصطناعى اقتحم الفن التشكيلي.. هل ذلك يقلقك؟

- الذكاء الاصطناعى هو بالفعل بدأ فى بعض المجالات الفنية، وبدا ينتج اعمالا فنية بواسطة الذكاء الاصطناعي، والفن التشكيلى شئنا أم أبينا كل ما يخص أعمال الرسم او التصوير والتلوين بدأ من فترة الماكينات التى تعمل بالذكاء الاصطناعى ونتنج منها اعمالا فنية، ولكن مفتقدة للإحساس أشبه بقطع "البلاستيك".

لكن النحت يحتاج احساس الفنان وروح النحات، انا حتى الآن لم استعين بالذكاء الاصطناعى فى أعمالى الفنية، وأتمنى أن لا يحدث ذلك فى المستقبل وأظل أعمل بيدى أعمالى الفنية.

نبذة عن الفنان المثال وائل الشافعى

الفنان المثّال وائل الشافعي، من مواليد محافظة كفر الشيخ، ١٩٧٥، حصل على بكالوريوس التربية الفنية من كلية التربية الفنية بالزمالك والتابعة لجامعة حلوان فى العام ١٩٩٩.

شارك الفنان المثّال وائل الشافعى فى العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية، والعديد من المعارض الفردية والمعارض الجماعية.

ومن أعماله الفنية النحتية نذكر: أعمال فنية جداريات المؤسسة العسكرية ٢٠٠١ - المشاركة فى أعمال نحد ميدانى للعديد من الشخصيات التاريخية منها نحت لتمثال الدكتور مصطفى مشرفة - تمثال أديب نوبل العالمى نجيب محفوظ - الطائر والموجة وحمامة السلام بمشاركة الفنان الكبير سيد عبده سليم بمرسمه فى الفترة من ٢٠٠١ وإلى ٢٠٠٦.

كما شارك المثّال وائل الشافعى فى فعاليات معرض أجندة الجماعى والذى تقيمه مكتبة الإسكندرية - دورة العام ٢٠١٨ - ودورة العام ٢٠١٩ شارك فى الدورة الأربعين والواحدة والأربعين للمعرض العام.

ومن المعارض الجماعية التى شارك فيها أيضًا المثّال وائل الشافعي، معرض جماعى بقاعة ضى العرب عام ٢٠١٩ والذى عقد بعنوان "المكان"- سمبوزيوم نوبيا الدولى بأسوان للنحت على الجرانيت عام ٢٠١٩ ــ معرض جماعى فى قصر ثقافة الإسماعيلية ٢٠١٩ - معرض جماعى فى قصر ثقافة كفر الشيخ ٢٠١٩ ــ معرض "ما بعد الكورونا" بقاعة ضى عام ٢٠٢٠ ــ معرض جماعى بجاليرى نوت بالزمالك- صالون توت للنحت ٢٠٢٣ - صالون النحت الثالث بقصر الفنون.

حصل المثّال وائل الشافعى على منحة التفرغ فى الفنون والتى يمنحها المجلس الأعلى للثقافة دورة ٢٠١٩ - ٢٠٢٠. له مقتنيات عديدة فى وزارة الثقافة المصرية ومتحف الفن الحديث.