الرأي العام
رئيس مجلس الإدارةد. تامر قبودانرئيس التحريرخالد طاحونمدير التحريريوسف قبودانرئيس مجلس الإدارةد. تامر قبودانرئيس التحريرخالد طاحونمدير التحريريوسف قبودان
صحة فلسطين: ارتفاع عدد ضحايا عدوان الاحتلال على غزة إلى...مقتل مواطن في البحيرة على يد جاره بسبب خلافات الجيرةأحمد السقا يودع صلاح السعدني إلي مثواه الأخيرإصابة شخصين فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بطريق بلبيس السلام...شعبة المخابز: 50% نسبة الالتزام بخفض أسعار الخبز السياحي.. ولا...ضبط مخدرات بقيمة 800 ألف جنيه فى محافظتى الجيزة والدقهليةاكلات شم النسيم..حضري الرنجة بالطحينة في دقائق معدودةالجيل: استخدام أمريكا حق الفيتو وحرمان فلسطين العضوية بالأمم المتحدة...طريقة عمل الممبار بالأرز والخضرة والصلصةوزيرة التضامن ورئيس مهرجان الإسكندرية يبحثان تطوير سينما المكفوفينأحمد حلمي ومنى زكي ومحمود البزاوي يحضرون جنازة صلاح السعدنيقبل شم النسيم.. ضبط 5 أطنان فسيخ مجهولة المصدر
مقالات

البابا تواضروس الثاني يكتب: كن ولودا ومثمرا

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني

عندما نحتفل بميلاد السيد المسيح فإننا نحتفل بحدث كونى له جوانبه المتعددة: سواء كتابياً أو تاريخياً أو جغرافياً أو نبوياً أو روحياً أو إنسانياً... إلخ، ولكن المهم أن نعرف أن السيد المسيح هو الذى اختار ظروف ميلاده بعكس أى إنسان فى العالم، لأن كلاً منا ولد من عائلة لم يخترها وفى بلد لم يختره وفى زمن لم يختره، وفى ظروف اجتماعية أو ثقافية أو سياسية لم يخترها. لقد كان بإمكان السيد المسيح أن يولد فى بلد الفلسفة، مثل أثينا أو بلاد السلطة مثل روما، ولكنه اختار فلسطين حيث قرية بسيطة وأناس بسطاء وبيت فقير، كما أنه اختار فتاة فقيرة ليولد منها.

وكان وقت ميلاده متزامناً مع حدث الاكتتاب (الإحصاء) الذى أصدره أغسطس قيصر لكل الإمبراطورية الرومانية (لوقا 2-1)، وهو بذلك أخذ رقم مواطن أرضى، حيث كثيراً ما قال عن نفسه إنه: «ابن الإنسان».

فى السياق ذاته نجد أن السيد المسيح يحمل اسمين، لكل منهما دالته القوية فى حياة كل من يؤمن به. الاسم الأول «يسوع» ويعنى مخلص: (متى 1: 21) «وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» إنه اسم يشير إلى بداية الخلاص من آثار خطية آدم وحواء، أما الاسم الثانى فهو «عمانوئيل» (متى 1: 22).. «هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا» وهذا هو غنى ميلاد وتجسد السيد المسيح إذ صار حباً فينا نحن البشر يسكن فينا ومعنا فى محبة فائقة المعرفة.

ولكل ما سبق صار حدث الميلاد حدثاً غنياً بكل تفاصيله وأحداثه، من اللافت للنظر أنه «حدث مثمر» بمعنى أن كل شخصياته قدمت شيئاً أو على الأدق «ولدت» ثمراً مفرحاً، فالقديسة مريم العذراء ولدت السيد المسيح وقد اختارها بحسب تعبير الملاك لأنها الممتلئة نعمة (لو 1: 28) ثم جاءت قرية بيت لحم المغمورة وغير المعروفة والصغرى بين جيرانها فقدمت مذوداً بسيطاً للحيوانات ليكون مكان السيد المسيح ويصير الأشهر عالمياً. وكثيراً ما نجد فى أيقونات الميلاد صورة المذود به حيوانات، أهمها الثور والحمار، كما تقول النبوة فى (أشعياء1: 3) «الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف شعبى لا يفهم»، ثم يأتى الرعاة الذين كانوا فى البادية يرعون قطعانهم فيقدمون شغفاً وفرحاً إذ صاروا أول من علم بميلاد المسيح. ومن بلاد بعيدة يأتى المجوس، هؤلاء الحكماء والعلماء والذين تتبعوا نجماً فى المشرق حتى وصلوا إلى بيت لحم وقدموا هداياهم ذهباً ولباناً ومراً (مت 2: 11).

حتى الملائكة فى السماء قدموا تسابيح الفرح والبهجة وأنشودتهم الخالدة «المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة» كل هؤلاء قدموا شيئاً وأثمروا بحياتهم وبعطاياهم على تنوع ما قدموه.

والسؤال الآن عزيزى القارئ هل أنت ولود فى حياتك؟ هل أنت مثمر فى أيام عمرك؟ ماذا قدمت فى ماضيك؟ وماذا تقدم فى حاضرك؟ وماذا ستقدم فى مستقبلك؟

سوف أجيب عن هذه التساؤلات وأستعرض معك كيف تكون ولوداً ومثمراً وحياتك غنية بما تقدمه من خلال أمثلة ونماذج:

البعض يلد أبناء وبنات على مستوى الجسد، من خلال الزواج المقدس، ومن خلال التربية الحكيمة ينشأ أفراد نافعون جداً فيصير الإنسان مواطناً صالحاً بكل ما تعنيه هذه الكلمة ومفيداً فى المجتمع والكنيسة والعالم كله.

فالأب والأم فى الأسرة القوية والمستقرة والسعيدة والتى نسميها «كيان الحب» تستطيع أن تربى وتعلم ليس علماً فقط بل أخلاقاً ومبادئ وقيماً وتستطيع أن تغذى المجتمع والوطن بنماذج منيرة وخادمة تعمل على إثراء الحياة الاجتماعية والحياة الإنسانية فى شتى المجالات.

والبعض يلد أبناء وبنات على المستوى الإنسانى خلال التلمذة الأمينة والمستمرة فى الخدمة الاجتماعية المتنوعة، هؤلاء الذين يقومون بتسليم الخبرة والمهارة إلى تلاميذ لهم، سواء فى مجالات الصناعة أو الزراعة أو الاقتصاد، وهذا التسليم الأمين والممتد عبر سنوات وسنوات هو الذى يثرى حياة البشر ويكون سبباً فى تقدمهم وتسديد احتياجاتهم على تنوع أشكالها.

وعلى المستوى الروحى والكنسى فى مجال التكريس بأنواعه، حيث يتتلمذ الإنسان على أب روحى فى تلمذة روحية مستمرة، يتسلم فيها الخبرة الروحية والتقوية والتى يمكن أن يفيد بها آخرين، وهكذا يلد الإنسان آخرين فى سائر المجالات.

والبعض يقدم على مستوى العلوم الاختراعات أو الابتكارات أو الاكتشافات، التى تجعل حياة البشر أكثر سعادة ورفاهية وسلاماً، كمن يقدم ويكتشف أدوية عديدة تشفى ملايين من البشر، مثل ألكسندر فلمنج مكتشف البنسلين.

هؤلاء يلدون من عقولهم واجتهاداتهم الجديد والجديد فى كل جيل يعملون من أجل صالح الإنسان أينما كان، وما زال قطار العلم والعلماء يمضى فى تقديم كل ما هو عظيم ومفيد لحياة البشر وعلاج أمراضهم وتسهيل حياتهم ورفعة مستويات حياتهم.

والبعض يقدم ويلد مواهب متنوعة فى شتى المجالات، سواء الأدبية أو الثقافية أو الفنية أو الرياضية، وهذه المواهب تصير نجوماً فى سماء البشرية، ويعتز أى مجتمع أنه قدم مواهب فذة مثلما قدمت مصر طه حسين ونجيب محفوظ فى مجال الأدب وغيرهما فى مجالات الموسيقى والفن والرياضة وأسماء عديدة لامعة ليس فى مصر فقط وإنما فى كل العالم.

والبعض يقدم خدمات جليلة للإنسانية لا يمكن أن تنسى، ولأن حاجات الإنسان عديدة وخدمة أى إنسان وكل إنسان هى الغاية العظمى لهؤلاء البشر الذين أعطاهم الله هذه الخصوصية فى خدمة الآخرين مثل خدام المعاقين وذوى الهمم وخدمة المدمنين وخدمة اليتامى وخدمة المغتربين وخدمة حالات الجنوح بين الفتيان والفتيات وخدمة الأرامل وخدمة المسجونين وخدمة أطفال الشوارع وخدمة الذين ليس لهم أحد أن يخدمهم أو يهتم بهم.

ومن الأمثلة الرائعة فى زماننا خدمة البروفيسور مجدى يعقوب فى مجال طب القلوب، والخدمة المدنية الرائعة التى يقدمها مع فريقه النشيط من خلال سلاسل الأمل، التى أنقذت حياه الآلاف من الصغار والكبار وغيره كثيرون جداً.

إن درس الميلاد الأعظم أن تكون ولوداً ومثمراً وليس عقيماً مجدباً. إنسانيتك تحتاج منك أن تلد وتقدم وتثمر فى وسط أسرتك أو كنيستك أو مجتمعك أو وطنك أو عالمك الذى تعيش فيه.

إننا فى هذه المناسبة السعيدة وبداية العام الميلادى الجديد نتقدم بخالص التهنئة لجموع شعب مصر العظيم، وفى المقدمة سيادة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، وكافة المسئولين ومعاونيه، مصلين أن يحفظ الله بلادنا الحبيبة مصر سالمةً آمنةً وأن تتخطى كل الصعاب والأزمات التى سببتها حروب ونزاعات لا طائل من ورائها.

ونصلى من أجل سلام العالم، خاصة فى مناطق الصراع والنزاع، وليمنح الله فرحاً ونعيماً لكل من يعيش أميناً مخلصاً لبلاده ووطنه ومجتمعه ودمتم فى رعايته السامية.

وكل عام وجميعكم بخير.

بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية

البابا تواضروس الميلاد المجيد المسيح عليه السلام المحبة والسلام

مقالات