سنة مؤكدة، تعرف على كيفية أداء صلاة الاستسقاء وآيات الغيث في القرآن
أسماء إمام الرأي العامصلاة الاستسقاء، هي صلاة نافلة قد فعلها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لما أجدبت المدينة، خرج بالناس بعد ارتفاع الشمس وصلى بهم ركعتين مثل صلاة العيد، ويصليها المسلمون طلبًا لنزول الغيث (المطر) ليقطع الجفاف أو يقضي حاجة أخرى في نية المصلي.
صلاة الاستسقاء كما وردت في السنة النبوية
صلاة الاستسقاء سنة قد فعلها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لما أجدبت المدينة، خرج بالناس بعد ارتفاع الشمس وصلى بهم ركعتين مثل صلاة العيد، ويصلي ركعتين ثم يخطب الناس ويذكرهم ويكثر في خطبته من الدعاء وسؤال الله الغيث.
وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما صلى خطب الناس وذكرهم ورفع يديه ودعا وقال: «اللهم أسقنا غيثًا مغيثا هنيئًا مريئًا غدقًا مجللًا طبقًا عامًا نافعًا غير ضار عاجلًا غير آجل تحيي به البلاد وتسقي به العباد.. » إلى آخر دعواته الكثيرة عليه الصلاة والسلام.
وعن ابن عباس ما قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعًا م تبذلًا (لابسًا ثياب العمل) متخشعًا مترسلًا (غير مستعجل في مشيه) متضرعًا». (أخرجه الترمذي وصححه).
يسن أن يخرج الناس إلى صلاة الاستسقاء خاشعين متضرعين إلى الله في ثيابهم العادية؛ فإن خروجهم إلى هذه الصلاة خروج حاجة وذل لله تعالى واستكانة بين يديه سبحانه، وينبغي أن نستذكر أن لتأخر المطر حكما عظيمة، منها، أن يحاسب الناس أنفسهم على تقصيرهم في جنب الله تعالى، وأن يحدثوا لذلك توبة ورجوعا إليه جل وعلا
صلاة الاستسقاء في القرآن الكريم
أن صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورد عنه أنه أداها عند قلة المطر والمياه لطلب نزول المطر، واستشهد العلماء ببعض آيات القرآن الكريم التي تدل على معنى الاستسقاء، ومنها قول الله تعالى «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا» [سورة نوح ١٢،١٠].
وقال تعالى في سورة الروم: ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الروم: 48]، يُخبر – سبحانه – عن كمال قُدرته وتمام نِعمته، أنه يُرسل الرياح، فتُثير السحاب، فيتمدَّد في السماء، ويتَّسع على الحالة التي يُريدها – سبحانه – ثم يجعل السحاب كسفًا؛ أي: ثخينًا قد طبقَ بعضه على بعض، فترى الودقَ – وهو النقط الصغار المتفرِّقة – تَنزل من خلال السحاب، فلو نزَل الماء مرة واحدة، لأفسَد ما وقَع عليه، فإذا نزَل الغيث على عباد الله، استبشَروا وفَرِحوا.
وقال سبحانه وتعالى في سورة الشورى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى: 28].
وذكر المطر في قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الفرقان: 48 – 50].
فهو وحْده – سبحانه – الذي يرسل الرياح مبشِّرات بين يدي رحمته، وهو المطر؛ ليقعَ استبشار العباد بالمطر، وليستعدُّوا له قبل أن يُفاجِئَهم دَفعة واحدة، ثم يَنزل المطر - بإذن الله تعالى – ماءً طهورًا مباركًا، فتَحيَا به الأرض المَيتة، وتَختلف نباتاتها وزروعها، مما يأكل الناس والأنعام.
كيفية صلاة الاستسقاء
أن يصلي الإمام بالناس ركعتين في وقت يكون لا يتواجد الماء (جفاف) ولا يكون وقت الكراهة. يجهر في الأولى بالفاتحة، وسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية بالغاشية.
وأن وصلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد تمامًا، فيكّبر فيها سبعًا في الركعة الأولى، وخمسًا في الثانية.
ولا يشترط لصلاة الاستسقاء أذان، كما لا يشترط الأذان لخطبتها، وينادى لها بالصلاة جامعة.
ثم يخطب الناس فإذا انتهى من الخطبة يندب أن يحول الخطيب رداءه - ولو كان شالًا أو عباءة - والمصلون جميعًا يحولون أرديتهم.. وذلك بأن يجعلوا ما على أيمانهم على شمائلهم، ويستقبلوا القبلة، ويدعوا الله مع رفع اليدين في الدعاء، مبالغين في ذلك.
وعن عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: «شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قُحُوط (احتباس) المطر، فأمر بمنبر، فوضع له بالمصلى، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، فخرج حين بدا حاجب الشمس (ضوءها) فكبّر وحمد الله، ثم قال: "الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا الله، يفعل ما يريد، اللهم لا إله إلا أنت، أنت الغني، ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت علينا قوة وبلاغًا إلى حين". ثم رفع يديه، فلم يزل يدعو، ثم حوّل إلى الناس ظهره، وقلب رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، فصلّى ركعتين» (أخرجه الحاكم وصححه).
حكم صلاة الاستسقاء
صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة عند انحباس المطر، قال ابن قدامة: «صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة ثابتة بسنة رسول الله، وخلفائه». وقال ابن عبد البر: «وأجمع العلماء على أن الخروج إلى الاستسقاء عند احتباس ماء السماء وتمادي القحط: سُنّة مسنونة سنَّها رسولُ الله، لا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك».
وورد عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:«أَنّهُ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ اسْتَسْقَى فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ لَمّا سَبَقَهُ الْمُشْرِكُونَ إلَى الْمَاءِ فَأَصَابَ الْمُسْلِمِينَ الْعَطَشُ فَشَكَوْا إلَى رَسُولِ اللّه صَلّى اللّهِ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ لَوْ كَانَ نَبِيّا لَاسْتَسْقَى لِقَوْمِهِ كَمَا اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النّبِيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ: ((أَوَقَدْ قَالُوهَا؟ عَسَىَ رَبّكُمْ أَنْ يَسْقِيَكُمْ))، ثُمّ بَسَطَ يَدَيْهِ وَدَعَا فَمَا رَدّ يَدَيْهِ مِنْ دُعَائِهِ حَتّى أَظَلّهُمْ السّحَابُ وَأُمْطِرُوا فَأَفْعَمَ السّيْلُ الْوَادِيَ فَشَرِبَ النّاسُ فَارْتَوَوْا».