مدبولي: الدولة بذلت جهودًا كبيرة بحجم ضخم من المشروعات لتصحيح المسار خلال 6 سنوات
حسناء حسن الرأي العامألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، كلمة خلال انعقاد الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، بتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، استهلها بتوجيه التهنئة إلى الشعب المصري بمناسبة حلول الذكرى الـ 47 لنصر أكتوبر المجيد، مشيرًا إلى أنه يمثل نقطة تحول جذرية في تاريخ مصر نحو التقدم والنماء لمصر،لافتا إلى أن الدولة بذلت جهودًا كبيرة خلال السنوات الست الماضية لتصحيح المسار من خلال حجم ضخم من المشروعات.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: ارتبطت هذه المناسبات التاريخية دائمًا بكونها فرصة جيدة لكي نجلس معًا، ونسترجع أهم الأحداث التي مرت بها هذه الأمة، مؤكدا أن هذا شيء مهم للغاية كي نتعرف كيف كانت مصر وإلى أين وصلت الآن، وما هي الرؤية المستقبلية لهذه الدولة العظيمة، بما يحقق الهدف الرئيس باستخلاص العِبر، التي من الممكن أن تساعدنا على بناء المستقبل لهذه الأمة.
واقتبس رئيس مجلس الوزراء عبارة للكاتب محمد حسنين هيكل يقول فيها "إن الأمم الكبيرة تحيا لكي تتذكر، والأصح أنها تتذكر لكي تحيا .. فتاريخ كل أمة هو خط متصل، وقد يصعد الخط أو يهبط وقد يدور حول نفسه أو ينحني ولكنه لا ينقطع أبدًا" .. ليبدأ بهذه العبارة سرد ماذا حدث لمصر على مدار الـ 150 سنة الماضية، وماهي العوامل التي ساهمت في الأوضاع التي نحياها الآن، وما يتم حاليًا بمصر من تصحيح للمسار وما هي الرؤية للمستقبل القريب.
وبدأ الدكتور مصطفى مدبولي استعراضه للتجارب التي مرت بها الدولة خلال الفترة ما بين عامي 1900 حتى 1950، حيث شهد العالم حربين عالميتين وأسوأ أزمة اقتصادية مر بها بدأت منذ عام 1928 واستمرت لفترات طويلة، فضلًا عن ظهور مجموعة من الأوبئة والأمراض أودت بحياة الملايين على مستوى العالم، مستدركا أن ما ميز مصر في هذه الفترة هو أنها كانت بمنأى بطريقة غير مباشرة عن الدخول في تلك الصراعات الكبيرة، حيث لم تكن منغمسة بصورة كاملة في الحروب.
وقال رئيس الوزراء: بالرغم من الأزمة العالمية الطاحنة كان اقتصاد مصر في هذه الفترة قادرًا على الصمود، مؤكدا أن الشكل المميز والقوي الذي كانت عليه مصر في هذه الفترة لم يحدث بين يوم وليلة، بل كان نتاجا لجهد وعمل امتد لفترة بلغت 40 أو 50 عاما قبلها، وجهود الحكام الذين كانوا موجودين قبل هذه الفترة بدءًا من محمد علي الذي يُعرف بمؤسس مصر الحديثة، والخديوي إسماعيل الذي يُعزى إليه العديد من الخطوات الإصلاحية الكبرى، وأيضًا النهضة التنموية الكبرى التي شهدتها مصر في هذه المرحلة.
واستعرض رئيس الوزراء أرقاما أكد أنها مهمة في ضوء توضيح الرؤية الحالية والمستقبلية، مشيرا في هذا السياق إلى أنه في عام 1900 كان عدد سكان مصر يبلغ 9 ملايين نسمة، وعلى مدار 50 عاما زاد العدد إلى 19 مليونا؛ ففي 50 سنة زدنا 10 ملايين نسمة فقط، ولم يكن متوسط معدلات النمو في هذه الفترة يتجاوز 2 إلى 3 % كنسبة نمو للاقتصاد، ولكن مع عدد السكان الذي كان موجودًا، كانت هذه النسبة أكثر من كافية لتضمن استقرارا للدولة وحدوث نمو، وكان لدينا فائض في الميزان التجاري وليس عجزًا، وهو ما انعكس على قوة العملة المصرية في هذه الفترة، حيث كان الجنيه المصري يعادل قيمة الجنيه الذهب تقريبًا، وكان الدولار حينها يساوي 20 قرشا، والذي يقترب الآن من 16 جنيها، قائلا : كانت هذه هي الظروف التي عاشتها مصر خلال 50 عاما مضت، مستعرضا تقريرا يرجع لهذه الفترة يشير إلى أن مصر كان لديها أكبر غطاء نقدي في العالم في الفترة من 1926 حتى 1953، وكانت أوقية الذهب تساوي 4 جنيهات مصرية.
وأكد الدكتور مدبولي أن الاقتصاد المصري في هذه الفترة كان قائمًا في الأساس على الزراعة، وكانت مصر تعرف نفسها على أنها دولة زراعية، ولكن كان لديها بدايات صناعة وطنية، مع رجل الاقتصاد الوطني طلعت حرب، ولكن الأهم هو في محصول القطن الاستراتيجي، حيث كانت مصر تزرع منه 1,6 مليون فدان، وكان إنتاجها 6.5 مليون قنطار، مضيفا أن مصر كانت تمتلك أهم بورصة قطن على مستوى العالم، إلى جانب بورصتي القاهرة والإسكندرية، اللتين كانتا في المركز الرابع على مستوى العالم، كما كانت مدن القاهرة والإسكندرية تعد من أجمل مدن العالم، مشيرًا إلى أن "القاهرة" فازت بجائزة أفضل مدينة بالعالم في عام 1925.
وأضاف أنه لكي تصل القاهرة إلى هذا المستوى وتكون الأجمل حينها كان ذلك نتاج البذرة التي وضعها الخديوي اسماعيل ليبني القاهرة الجديدة والعصرية، في وقت لم يكن موجودًا حينها إلا القاهرة التاريخية بكل مشاكلها وتحدياتها، فكانت الرؤية في إنشاء حاضرة جديدة في هذا الوقت لتصبح بعنوان "مصر الحديثة" استغرقت نحو 50 سنة حتى أصبحت تصنف كأجمل مدينة على مستوى العالم.
وأوضح رئيس الوزراء أن هذه المشاهد التي تحكي تاريخ مصر تشير إلى أن النمو الاقتصادي كان حينها ببساطة شديدة مرتبطا بعدد السكان؛ فقدرات الدولة كانت تستوعب هذا العدد، فكان النمو الذي يحدث في الدولة نموا مخططا ومنظما، وبالتالي كان شكل المدن المصرية مميزا، ولم يكن هناك تحدٍ كبير، فمصر كانت تمتلك ثاني أكبر شبكة سكة حديد على مستوى العالم، وكانت هناك وسيلة الترام ووسائل النقل الجماعي الداخلي، كما امتلكت مصر أول محطة طاقة شمسية على مستوى العالم.
كما دخلت مصر في إنشاء محطات توليد الكهرباء منذ عام 1924، واستطاعت مصر مع قوة اقتصادها أن تساند دولا كثيرة منها دول أوروبية بعد الحرب العالمية؛ لكي تساعدهم اقتصاديا ًعلى الخروج من الأزمات التي كانت تعاني منها تلك الدول، مستعرضًا لقطة شهيرة لطلب الولايات المتحدة من مصر تقديم معونة لدول أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.